الحقوق الدينية للمرأة
المسلمة:
فالمرأة المسلمة تشرع
لها جميع العبادات كالرجل فهي تصلي وتصوم وتزكي من مالها وتحج وتثاب على عباداتها
وطاعتها مثل ما يثاب الرجل وليس أجرها دون أجر الرجل. إلا
أن الإسلام قد يخفف عن المرأة بعض العبادات تقديراً لظروفها الطارئة فمثلاً يسمح
للمرأة الحائض في ترك الصلاة ولا تؤمر بقضائها بعد الطهر لما في ذلك من المشقة
والحرج ﴿وَمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج﴾
[الحج:78]. ولها
أن تترك الصيام أيام عادتها ولكنها تقضي على السعة لعدم المشقة عليها في قضاء
الصوم بخلاف الصلاة، والنفساء تعامل بنفس المعاملة.
حرية الزواج للمرأة المسلمة:
الإسلام يعطي المرأة
حرية كاملة في الزواج، فهي تختار الزوج الصالح لها قبل أن يكلفها وليها على من
يختاره هو، بل ليس له أن يزوجها إلا بإذنها الصريح بالنطق إذا كانت المرأة ثيباً
لأنها قد جربت الرجال ولا تستحي أن تقول نعم أو لا. وأما
البكر فيكفي في إذنها السكوت حين الاستئذان فلا بد من الاستئذان ولو زوجها أبوها
في صغرها وقبل بلوغها فلها الخيار إذا بلغت بين إجازة ذلك الزواج أو رفضه.
هذا هو حكم الإسلام
في الزواج حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن وإذنها
صماتها أي سكوتها». أو كما قال عليه
الصلاة والسلام رواه البخاري من حديث أبي هريرة.
إرث المرأة في الإسلام:
وقد ركز دعاة
المساواة على هذه النقطة فتمكنوا من تضليل الكثيرات من المسلمات الغافلات حيث
زينوا لهن بأن الإسلام يفضل الرجل على المرأة فيعطيه في الميراث أكثر من النساء،
فيعطيه مثل حظ الانثيين ولماذا ؟؟ !! .. وللإجابة
على السؤال أقول:
حقاً إن الإسلام يعطي
الرجل امرأتين وهذا التفضيل في الميراث لا يترتب عليه تفضيل الرجل على المرأة في
كل شيء كما سنرى قريباً إن شاء الله. كما
لا يلزم منه الحط من مكانة المرأة بل إنه عطاء عادل ومنصف.
بيان ذلك ما سبق أن
ذكرنا من أن الإسلام يكلف الرجل وحده بالإنفاق على الأسرة المكونة من الزوجة
والأولاد بل وعلى كل محتاج من أقاربه ولم يكلف المرأة حتى بنفقة نفسها بل نفقتها
على زوجها ولو كانت هي أغنى من زوجها وأما قبل الزواج فنفقتها على أهلها.
فهل من الإنصاف أن
تعطى المرأة المنفق عليها مثل الذي ينفق عليها ؟؟ !! أعتقد
أن المرأة المسلمة المنصفة سوف تبادر بالجواب على هذا السؤال قبل الرجال قائلة: إن
ذلك ليس من الإنصاف لو حصل. بل
الإنصاف ما فعله الإسلام وقد أنصف الرجل والمرأة معاً ولله الحمد والمنة.
سفر المرأة في الإسلام:
النقطة الثانية من
النقاط التي يركز عليها دعاة الحرية والمساواة مشكلة سفر المرأة يقولون: إن
الإسلام لا يسمح لها بالسفر كما يسمح للرجل ولو في سفر أداء فريضة الحج ولماذا ؟؟
!! والعجيب من أمر هؤلاء أنهم كثيراً ما
يقلبون الحقائق ليغالطوا الناس فيجعلون الإهانة كرامة والكرامة إهانة كما في هذه
المسألة.
والمرأة المسلمة الجاهلة
تسمع لكل ناعق لجهلها أمر دينها واستجابة للعاطفة أحياناً. وفي الواقع أن الإسلام لم يمنع المرأة
من السفر المباح إلا أنه قيد سفرها بقيد واحد. وهذا القيد في الحقيقة إكرام لها
وحفظ لشرفها لو كانوا يعلمون. يشترط
الإسلام لسفر المرأة وجود زوجها معها في السفر أو أحد أقاربها الذين تحرم عليهم
تحريماً مؤبداً كأبيها وأخيها مثلاً؛ لأن هؤلاء سوف يضحون بأنفسهم في سبيل
المحافظة عليها وحفظ كرامتها ولا تصل الذئاب إليها إلا على أشلائهم. كما يقومون بخدمتها في سفرها حيث تعجز
عن الخدمة وهل اشتراط الإسلام لسفر المرأة هذا الشرط يعتبر إهانة للمرأة أم هو
إكرام لها؟ إنها لإحدى الكبر !! فلتقول
المرأة المسلمة الإجابة على هذا الاستفهام.
أما السفر من حيث هو
فالإسلام لا يمانع فيه. فالمرأة
تسافر للحج، وتسافر للتجارة، وتسافر لزيارة أهلها وأقاربها وتسافر لطلب العلم
ولغير ذلك من الأسباب طالما الشرط متوفر وهو وجود الزوج أو المحرم معها. هذا هو حكم الإسلام في سفر المرأة أيها
المسلمون إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا
ومعها رجل ذو محرم عليها»[1].
وللحديث ألفاظ كثيرة
وروايات متعددة وكلها تدل على أن الإسلام يشترط في سفر المرأة وجود الزوج أو رجل
ذي محرم عليها تحرم عليه تحريماً مؤبداً. وهذا
يعد إكراماً للمرأة المسلمة لو كانت تعلم، وبالله التوفيق.
موقف الإسلام من التبرج والإختلاط
والخلوة:
إنّ موقف الإسلام
واضح من هذه الجاهليات وهو موقف فطري ومعقول، بل ومقبول لدى الأذواق السليمة،
والإسلام يشدد الإنكار على هذه الجاهليات ولا سيما جاهلية الخلوة إذ يقول رسول
الهدى عليه الصلاة والسلام: «ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»، «لا يخلونّ أحد بامرأة إلا مع ذي محرم». هكذا
يقول رسول الإسلام أيها المسلمون، وفي النهي عن جاهلية التبرج يقول الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ
وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ (الأحزاب:33)
ويقول مخاطباً لنبيه وخليله محمد عليه الصلاة والسلام: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلابِيبِهِنَّ﴾ (الأحزاب:59)،
هكذا يأمر الإسلام المرأة المسلمة ابتداء من أمهات المؤمنين الطاهرات إلى يوم
الناس هذا، بل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يأمرها بالحشمة والحياء وعدم
الاختلاط لأن الحياء شعبة من الإيمان، وينهى عن هذه الجاهليات، ويشدد الإنكار
عليها لأنها ذرائع للفساد الخلقي الذي إذا أصيبت به المجتمعات ضاعت وذهبت، ولقد
صدق الشاعر حيث يقول:
وإنما
الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
موقف الإسلام من عمل المرأة:
ولسنا نقول - كما يظن
- أن المرأة لا تخرج من بيتها لمزاولة الأعمال، كلا بل للمرأة المسلمة أن تعمل
ولها مجالات واسعة للعمل، والقول بأن الإسلام يمنع المرأة عن العمل إساءة إلى
الإسلام وسمعته كما أن القول: مجال عملها ضيق قول غير محرر، فالمرأة المسلمة لها
أن تزاول أعمالها دون محاولة أن تزاحم الرجال أو تختلط بهم أو تخلو بهم، للمرأة أن
توظف مدرسة أو مديرة أو كاتبة في المدارس النسائية، ولها أن تعمل طبيبة أو ممرضة
أو كاتبة أو في أي عمل تجيده في المستشفيات الخاصة بالنساء إلى آخر الأعمال
المناسبة لها.
أما المرأة التي تخرج
من بيتها بدعوى أنها تريد أن تعمل -
متبرجة - بزينتها ومتعطرة ومنكرة([2]) مائلة مميلة وكأنها تعرض نفسها حين
تتجول بين الرجال. فموقف
الإسلام منها أنه يشبهها بالمرأة الزانية لما ثبت عند الترمذي من حديث أبي موسى
الأشعري عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «والمرأة إذا استعطرت فمرّت
بالمجالس فهي كذا وكذا يعني زانية»، قال الترمذي: "هذا
حديث صحيح"، ولأبي هريرة مثله عند أبي داود، والذي يبدو أن اللفظة يعني «زانية» من قول أبي موسى الأشعري تفسير لكذا وكذا والله أعلم.
وهذه المرأة مثلها
كمثل طعام شهي بذل صانعه في إعداده كل ما في وسعه ثم أخذه فجعله في قارعة الطريق
وبجوار المستنقعات فرفع عنه الغطاء فهاجرت إليه الحشرات من كل مكان تستنشق ريحه
فأخذ الذباب يحوم حوله فيسقط فيه أحياناً والناس ينظرون إليه مستقذرين وعابسين
وجوههم. وفي النهاية يصبح عشاء للكلاب إذا تغلبت
على الحشرات ولا بد أن تتغلب هذا مثل المتبرجات المتجولات فلتربأ المرأة المسلمة
بنفسها وشرفها عن هذه المنزلة المنحطة ولتسدل جلباب الحياء عن وجهها كما أمرها
ربها وذلك خير لها عند الله وأمام المجتمع. ويريد
الإسلام من وراء هذا كله المحافظة على الأسرة المسلمة لأن سلامتها تعني سلامة المجتمع
كما أن فسادها فساد للمجتمع كله كما تقدم. وقد
حرص الإسلام على هذا المعنى كل الحرص وأنه لا يُغفِل هذه المحافظة حتى في حال أداء
بعض العبادات التي تؤدى في حال اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد كالجمعة
والعيدين مثلاً فقد نظم الإسلام كيف يتم هذا الاجتماع لأداء تلك العبادات.
يقول رسول الهدى عليه
الصلاة والسلام وهو ينظم الصفوف: «خير صفوف الرجال أولها وشرها
آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»([3]). ولعلمه
صلى الله عليه وسلم ما تثيره المرأة المتعطرة في صدور الرجال أمرها بقوله: «إذا خرجت المرأة إلى
المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة»([4]).
وبعد:
إن هذا الحديث والذي
قبله يعتبران - بحق - من أبرز أمثلة الذرائع كما ترى. والله الموفق.
إنهاء الحياة الزوجية:
تنتهي الحياة الزوجية
بأحد فراقين اثنين:
1 – فراق بالموت وهو أمر لا يملك كل من الطرفين
تقديمه أو تأخيره فلذا نمسك عن الحديث عنه.
2 – فراق بالطلاق وهو محل حديثنا: يعتبر الطلاق
في نظر الإسلام مخرجاً مما قد يتفاقم بين الأزواج من الخلافات والنزاعات وهو
بمثابة الكي في حل المشكلات الزوجية والكيّ آخر العلاج.
حيث يبدأ علاج
المشكلات الزوجية على النحو التالي:
أ – الوعظ
.. الوعظ الذي يتضمن النصح والتوجيه وبيان ما على الزوجة من حقوق الزوج كما يتعرض
لبيان حقوق الزوجة على الزوج، ويركز علي بيان ما يترتب على تضييع حقوق الزوج
وعصيانه.
ب – الهجران في الفراش
.. الهجران الذي يجلب لها نوع من الوحشة وعدم الأنس ويدعو إلى التوبة والرجوع إلى
الطاعة.
ج – الضرب
شريطة أن يكون ضرب تأديب وتخويف فقط لا ضرب انتقام يجرح الجلد أو يكسر العظم.
د – جلسة مفاوضة ومناقشة
يشترك فيها حكَمٌ من أهله وحكَمٌ من أهلها وإذا لم يُجْدِ شيء مما ذكر وضاق كل
واحد منهما نفساً بالحياة الزوجية، هنا يأتي الطلاق لإنقاذ الموقف بإنها تلك
الحياة التي تحولت جحيماً لا تطاق بعد أن كانت مودة ورحمة وطمأنينة وراحة.
وهذه المراحل التي
تسبق الطلاق - وربما تمنع الطلاق - بيّنتها سورة النساء في الآيتين التاليتين: آية
رقم 33
إذ يقول الرب عزّ من قائل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ
اللهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي
الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾.
وآية رقم 34: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ
أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾.
لماذا جعل الإسلام الطلاق في
يد الرجل فقط؟
وقد تبين مما تقدم أنّ
مشروعية الطلاق أمر له أهميته في الموضوع إذا ثبت أنه العلاج الأخير في المشكلات
الزوجية. وبقي في المقام سؤال له وزنه إذا فهم
جوابه حق الفهم وهو لماذا جعل الطلاق في يد الرجل فقط ؟؟!! قبل أن يكون للمرأة فيه
دور يذكر، اللهم إلا ما كان من قبل الخلع وهو فراق تشترك فيه المحكمة الشرعية ولا
تستقل به المرأة كما هو معروف. الجواب
عن هذا السؤال أن يقال:
لما كان الرجل هو
الغارم الذي عليه المهر وسائر النفقات جعل الطلاق في يده لأنه سوف لا يفرط في
الحياة الزوجية التي غرم في تأسيسها بل سوف يكون أحرص ما يكون على بقاء مؤسسة
الأسرة متمتعة بالهدوء والراحة كلّما وجد إلى ذلك سبيلا ولو جعل الطلاق في المرأة
لرأينا الآتي: رأينا رجلاً يؤسس ثم يؤثث فيحرص على
النتائج المنتظرة من المؤسسة ثم رأينا امرأة ناقصة العقل والتفكير تهدم المؤسسة
وتبعثر الأثاث لأتفه الأسباب لأنها لم تغرم شيئاً عند تأسيس المؤسسة بل ربما رغبت
عن هذه المؤسسة لتجرب غيرها. وفي
اعتقادي أن المرأة المسلمة المنصفة تصدقني فيما ذكرت قبل الرجل نفسه لأن بعض
الوقائع من تصرفات بعض النساء تشهد لما قلنا في الوقت الذي ليس في يدها الطلاق.
والله أعلم.
وبعد أيها الأخوة
المسلمون فلنمثّل إسلامنا بالعمل ما استطعنا إلى ذلك سبيلا لا بالقول فقط لأن
الإسلام دين عمل وتطبيق فالمسلم معناه هو الإنسان المستسلم المنقاد لأوامر ربه
وخالقه المنفذ لأحكامه. والقصد
الحسن والنية الصادقة والعمل الصالح محاولة تطبيق الشريعة هذه المعاني هي محل نظر
الرب من عبده إذ يقول رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم
وأعمالكم».
أيها الإخوة إن لديكم
الفرصة لتعملوا لدينكم وإسلامكم لأن قانون بلدكم يسمح لكم أن تخدموا دينكم بكل
حرية فعليكم أن تدركوا أن هذه الحرية نعمة من نعم الله عليكم، فعليكم أن تستغلوها
بالعمل الجاد لنشر تعاليم إسلامكم.
والله معكم إن صدقتم
في أعمالكم لأنه تعالى مع العاملين الصادقين يوفقهم ويهديهم.
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ
اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69].
وصلى الله وسلم وبارك على رسول الهدى محمد وآله وصحبه.
محمد أمان بن علي الجامي
عميد
كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية سابقاً
بالجامعة الإسلامية ـ
بالمدينة المنورة
0 التعليقات :
إرسال تعليق