الحديث و الدعاء و الحكمة

محاضرة اسلامية.



يقول رحمه الله : "إني ملتزم بالسنة ومتبع للتوحيد الخالص ، أرى السنة دليلي ، وباب الاجتهاد مفتوحاً دائماً للعلماء ولا أرى الحق منحصراً في أحد من أئمة السلف".
ويقول في إحدى خطبه : "من مفاسد هذا العصر الجمود المشين على آراء الفقهاء المتأخرين وفتاواهم ،كأنهم معصومون من الأخطاء والزلات ، وعدم الرجوع إلى المرجعين الأصيلين : القرآن والسنة ، واجتهادات الأئمة من السلف في البحث عن الحلول للمشاكل المدنية والقضايا الدينية ، والقول بإغلاق باب الاجتهاد للأبد".
4- في التاريخ والاعتناء بالسيرة :
فكما قال الشيخ أبو الحسن على الحسني الندوي : "أن السيد سليمان الندوي يستحق بدون مراء أن يعد أكبر مؤرخ وباحث في عصره ، وإن كتبه : (الخيام)، و(الصلات بين الهند والعرب)، و(الملاحة عند العرب)، و(حياة الإمام مالك)، و(سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها) خير نموذج للكتابة في التاريخ والبحث العلمي ، وكتابة (أرض القرآن) لا يزال كتاباً فريداً لم ينسج على منواله في موضوعه ، وهو ثروة غنية في المواد العلمية"([1]).
5- في الفلسفة وعلم الكلام :
كما أنه رحمه الله كان ضليعاً بالفلسفة وعلم الكلام ، وخير دليل على ذلك كتابه (سيرة النبي صلى الله عليه وسلم) فإنه حقق بالسيرة والتاريخ أهدافاً لا تحقق إلا بعلم الكلام ، فأسس علم كلام جديد يفوق علم الكلام القديم في التأثير على الذهن الجديد وإقناعه ، وفي توثيق الثقة بالشخصية النبوية والشريعة الإسلامية ، وهو أكثر سداداً للحياة العلمية المعاصرة.
6- في اللغة العربية :
أما اللغة العربية فكان رحمه الله من كبار الأدباء ، وإنه أتي في حقل الأدب العربي بالعجائب ، وخلف آثار في القول المنظوم والمنثور مما يعجز عن مثله نوابغ أدباء الهند وشعرائها.
وكان السيد الندوي رحمه الله مقدساً لدور اللغة العربية في توحيد المسلمين ، يقول في مقال له : "وبعد فللإسلام مزايا تفوق الإحصاء دررها ، وتستغني عن الإنباء غررها ، إحداها انه دين وحدة الشعوب والأمم ، ودين مؤاخاة البشر والنصيحة لهامة المسلمين ، ومن الوسائل التي اتخذها لتحقيق بغيته هذه ، أن جعل للمؤمنين بقرآنه ، والخاضعين لسلطانه على اختلاف ألسنتهم وبلدانهم وجنسياتهم وألوانهم لغة خاصة ، وهي لغة كتابة المنزل من السماء ، يتفاهمون بها معاني القلوب ،ويتعارفون هواجس الأفكار ، ويخطب بعضهم بها مودة بعض فهي على تقلب من الأحوال لغة عصبة الأمم الإسلامية منذ قرون وأجيال"([2]).
وفعلاً كان الله عز وجل قد أودع فيه موهبات عجيبة من خصوبة العقل ، وقوة الذاكرة ، والقريحة الوقادة المندفعة ، والذكاء المتوقد ، فما كان يسمع كلمة إلا ويحفظها ويعيها ويقيدها في ذهنه ، فلم تخنه ذاكرته مدة حياته.
أهم مآثره العلمية وجلائل أعماله الخالدة :
من أبرز أعمالة العلمية وأرفعها ذكراً واسماها مكانة إكماله كتاب (سيرة النبي صلى الله عليه وسلم) الذي كان بدأ تأليفه أستاذه ومربيه والمحقق العلامة شبلي النعماني رحمه الله ، ثم أوصى تلميذه أن يكمله على المنهج الذي سار عليه أستاذه ، فعلا ثبت أن التلميذ خير مكمل لما بدا به أستاذه ، وطلعت هذه المعلمة أمام العالم من عيون ما ألفه علماء الإسلام منذ قرون ، ومن غرر ما أتحف به علماء الهند المكتبة الإسلامية العامة ، وتفتخر به المكتبات الإسلامية.
والكتاب في سبعة مجلدات كبار ، تحدث في الجزء الأول منها عن أصول الرواية والدراية ومصادر السيرة ، ومطاعن المستشرقين ، وفصول في تاريخ العرب قبل الإسلام ، والجزء الثاني يحتوي على حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الجزء الثالث فهو يحتوي على مقدمتين علميتين من النظريات الفلسفية ؛ وهما : القديمة والحديثة ، أثبت فيها المؤلف إمكان المعجزات وعدم معارضة العلوم العقلية لها ، وقد اهتدى بها كثير من المنخدعين بعلوم الإفرنج وضلالاتهم ، أما الجزء الرابع فيتحدث عن منصب النبوة ومنزلتها ، والفرق بينها وبين منازل الإصلاح والتجديد ثم تكلم رحمه الله في العقائد ، ولم يكن يستند في بحوثه إلى شيء غير الكتاب والسنة.
أما المجلدات الثلاثة الباقية فإنها تبحث في العبادات والأخلاق والمعاملات ، وكل واحد منها معلمة في موضوعه.
وله مصنفات علمية أخرى فريدة من نوعها ومنها :
(أرض القرآن)([3]) : وهذا الكتاب بمثابة مقدمة لكتاب (سيرة النبي صلى الله عليه وسلم) وهو في جزأين ، وهو كتاب فريد من نوعه ، من أهم مزاياه أنه دراسة لأوضاع العرب السياسية والتاريخية والحضارية في ضوء القرآن الكريم ، مع الاستفادة من المصادر الأجنبية مثلاً العبرية والإنكليزية والمصادر الإسرائيلية والرومية واليونانية والاكتشافات الأثرية.
(سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها):
هذا الكتاب العظيم أولى المحاولات من نوعها بصدد دراسة حياة أم المؤمنين رضي الله عنها دراسة علمية وافية, وكشف الستار عن مكانة هذه العبقرية الفذة والشخصية العظيمة التي صنعت العظائم, ولها فضلٌ كبيرٌ ومنّة عظيمة على المؤمنين والمؤمنات, وقد تم نقل الكتاب إلى اللغة العربية وطبعته دار القلم لصاحبها الأستاذ الفاضل محمد علي دولة حفظه الله تعالى وبارك في عمره.
محاضرات مدارس:
وهو هذا الكتاب الذي وقفنا الله سبحانه وتعالى أن نتشرف بتقديمه إلى الإخوة القراء بعد نقله إلى اللغة العربية, وتخريج الأحاديث الواردة فيه, وتحقيقه كما يتطلبه المنهج المعاصر الحديث.
حياة الإمام مالك:
والكتاب عرضٌ علمي شامل ودقيق لحياة إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه, وصفاته وأخلاقه, ومكانته العلمية العالية في الفقه والحديث ودراسة لكتابه (الموطأ).
الملاحة عند العرب:
مجموعة محاضرات عالج فيها الشيخ رحمه الله موضوع الملاحة عند العرب في الجاهلية والإسلام, ومدى معرفة العرب لبحار العالم, ومؤلفاتهم فيها واكتشافاتهم البحرية.
رسالة أهل السنة والجماعة:
مجموعة مقالات في تحقيق معنى أهل السنة والجماعة.
بالإضافة إلى عشرات المؤلفات التي أنتجها قلم العلامة الندوي السيَّال, وهي كلُّها نافعة تتسم بأقصى درجة من البحث والنظر والتدقيق والتحقيق. وتحتل أسمى مكانة في الأوساط العلمية, ولقد صدق الأستاذ مسعود الندوي إذ قال عن الشيخ الندوي رحمه الله: "وقد بلغ في المواضيع المختلفة من التحقيق والإجادة ما لم يبلغه أحد من معاصريه في هذه البلاد, ولا تنحصر عظمته في ناحية دون ناحية, فإنه كان أديباً بين الأدباء, وسياسياً بين السياسيين, وعالماً بين العلماء, وخائضاً بحارَ القانون والتشريع بين علمائه...".

ثناء العلماء عليه:
يقول شاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال: "يتبوأ السيد سليمان الندوي اليوم أعلى مدارج حياتنا العلمية, إنه ليس مجرد عالم, بل هو أمير للعلماء, وليس بكاتب فحسب, بل إنه إمام الكتّاب والمؤلفين إن شخصه بحرٌ للعلوم والمحاسن, تخرج منه مئات من الأنهار, وتسقي منه ألوف من المزارع اليابسة".

0 التعليقات :

Copyright @ 2013 مؤسسة الاسلام .