الحديث و الدعاء و الحكمة

أذكار الصباح والمساء...

2-
آية الكرسي :
قال الله تعالى : { اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [ البقرة255 ] .

تُقرأ صباحاً ومساءً مرة واحدة ، و بعد الفرائض ، وعند النوم .
من أثارها المجربة :

1
- حارس ليلي :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ : لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ . . . فَقَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، فإنه لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيْطَانٌ " [ رواه البخاري ] .

2- سبب لدخول الجنة :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت " [ رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6464] 

3- طاردة للشيطان :
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الْجِنِّ فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الإِنْسِيُّ ، فَقَالَ لَهُ الإِنْسِيُّ : إِنِّي لأَرَاكَ ضَئِيلاً شَخِيتاً _ نحيفاً دقيق الجسم _ كَأَنَّ ذُرَيِّعَتَيْكَ ذُرَيِّعَتَا كَلْبٍ ، فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْجِنِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ كَذَلِكَ ؟ قَالَ : لاَ وَاللَّهِ إِنِّي مِنْهُمْ لَضَلِيعٌ _ جيد الأضلاع _ وَلَكِنْ عَاوِدْنِي الثَّانِيَةَ ، فَإِنْ صَرَعْتَنِي عَلَّمْتُكَ شَيْئاً يَنْفَعُكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فصرعه مرة ثانية ، قَالَ الجني تَقْرَأُ : { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } ، فَإِنَّكَ لاَ تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتٍ إِلاَّ خَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ لَهُ خَبَجٌ _ ضراط _ كَخَبَجِ الْحِمَارِ ، ثُمَّ لاَ يَدْخُلُهُ حَتَّى يُصْبِحَ ، قالوا يا أبا عبدالرحمن : فمن ذلك الرجل ؟ قال : فمن ترون إلا عمر بن الخطاب " [ رواه الدرامي بإسناد جيد ] .

فائدة :
اغتنم وقتك أيها المسلم واذكر ربك بهذه الأذكار بكل إخلاص لله تعالى ، ومتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، واحذر الابتداع ، وحافظ على هذه الأذكار في أوقاتها المذكورة ، فإذا ضاق وقتك ، وكثر انشغالك ، فاغتنم منها ما تيسر ، ومالا يدرك كله ، لا يترك جله ، واعلم أن الإهمال لجميعها تفريط ، فانتبه رعاك الله 

3-
خواتيم سورة البقرة :
قال الله تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [ البقرة 285-286 ] .
تُقرأ كل ليلة مرة واحدة .

من آثارها النافعة :

1- كافية من كل شيء :
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ " [ متفق عليه ] .
أورد الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9 /71 عدة أقوال لمعنى (كفتاة) : فقد قال : " قيل معناه : كفتاة كل سوء ، وقيل : كفتاة شر الشيطان ، وقيل : دفعتا عنه شر الإنس والجن ... " أ . هـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب 205 : " الصحيح أن معناها كفتاة من شر ما يؤذيه " .

2- طاردة للشيطان :
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَاباً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، وَلاَ يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ " [ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وهو في صحيح الجامع برقم 1799 ] .

-4
الإخلاص والمعوذتين :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ " [ رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح ] .
ثلاث مرات صباحاً ومساءً .

في هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أن يقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس في الصباح والمساء ثلاث مرات وبين أن هذا يكفيه كل شيء .

قيل : يكفيه من كل أنواع الذكر والثناء في الصباح والمساء .
وقيل : يكفيه دفع شر طوارق الليل والنهار ، وكل الآفات والأخطار والبلايا والدواهي .
أما السورة الأولى فهي سورة الإخلاص : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ {4} .

وهي التي أخلصها الله تعالى لنفسه فلم يذكر فيها شيئاً إلا يتعلق بنفسه جل وعلا ، ما فيها ذكر لأحكام الطهارة أو الصلاة أو البيع أو غير ذلك كلها مخلصة لله عز وجل ثم الذي يقرأها يكمل إخلاصه لله تعالى فهي مخلصة ومخلِّصَة تخلص قارئها من الشرك وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدل ثلث القرآن ولكنها لا تجزئ عنه ، تعدله ولا تجزئ عنه ، الشيء قد يكون عديلاً للشيء ولكن لا يجزئ عنه ، ألم تروا أن الإنسان إذا قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ، ومع ذلك لا يجزئ عن عتق رقبة ، ففرق بين المعادلة في الأجر ، وبين الإجزاء في الكفارة ، ولهذا لو قرأ الإنسان { قل هو الله أحد } في الصلاة ثلاث مرات ما أجزأت عن الفاتحة ، مع أنه لو قرأها ثلاث مرات كأنما قرأ القرآن كله ، لأنها تعدل ثلث القرآن .

السورة الثانية سورة الفلق : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{5} .
والسورة الثالثة : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{1} مَلِكِ النَّاسِ{2} إِلَهِ النَّاسِ{3} مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5} مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ{6} .
هاتان السورتان نزلتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سحره الخبيث لبيد بن الأعصم اليهودي فأنزل الله هاتين السورتين فرقاه بهما جبريل ، فأحل الله عنه السحر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ما تعوذ متعوذ بمثلهما تستعيذ{ برب الفلق } الفلق : فلق الإصباح ، وهو فالق الحب والنوى جل وعلا { من شر ما خلق } كل ما خلق { ومن شر غاسق إذا وقب } ، يعني الليل إذا دخل ، لأن الليل تكثر فيه الهوام والوحوش وغير ذلك ، فتستعيذ بالله من شر غاسق إذا وقب { ومن شر النفاثات في العقد } أي الساحرات اللاتي يعقدن عقد السحر وينفثن فيها بالطلاسم والتعوذات والاعتصام بالشياطين والاستعانة بهم والعياذ بالله { ومن شر حاسد إذا حسد } هو العائن يصيب بعينه ، لأن الساحر يؤثر ، والعائن يؤثر ، فأمرت أن تستعيذ { برب الفلق } جل وعلا { من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد } ، وتأمل تناسب هذه الآيات الثلاثة { ومن شر غاسق إذا وقب } الليل لأن البلاء يكون فيه خفياً ، والسحر كذلك خفي ، والعين كذلك خفية ، فنستعيذ برب الفلق الذي يفلق الإصباح حتى يتبين ، ويفلق النوى حتى يظهر ويبرز ، فهذه من مناسبة المقسم به والمقسم عليه . 

أما { قل أعوذ برب الناس } فهي السورة الأخرى أيضاً التي بها الاستعاذة بالله عز وجل { قل أعوذ برب الناس ملك الناس } فهو الرب الملك ذو السلطان الأعظم ، الذي لا يمانعه شيء ولا مبدل لكلماته جل وعلا { ملك الناس إله الناس } أي معبودهم الذي يعبد بحق فلا معبود حق إلا الله عز وجل { من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس } ، هذه وساوس الصدور التي يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم وما أكثر ما يلقي الشيطان في هذا العصر من الوساوس العظيمة ، التي تقلق الإنسان ، وسبحان الله العظيم الدنيا اسم على مسمى ، دنيئة لا تتم من وجه إلا نقصت من وجوه ، ترفنا في هذه الأيام في هذا العهد لا يوجد له نظير فيما سبق ، النعم متوافرة والأموال والبنون وكل شيء ، والترف الجسدي ظاهر ، لكن كثرت في الناس الآن كثرة الوساوس والأمراض النفسية والبلاء ، حتى لا تتم الدنيا فيركن الإنسان إليها ، لأن الدنيا لو تمت من كل وجه أنست الآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فَوَاللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ " [ متفق عليه ] ، والله عز وجل إذا فتح الدنيا من جانب صار صفوها كدراً من جانب آخر أو من جوانب أخرى ، والشاعر الجاهلي يقول :
فيوم علينا ويوم لنا . . . ويوم نساء ويوم نسر . فالحاصل أن هذه السورة فيها الاستعاذة من الوسواس ، والوسواس يقع في الإنسان أحياناً في أصول الدين ، وفي ذات الرب ، وفي القرآن ، وفي الرسول صلى الله عليه وسلم 

0 التعليقات :

Copyright @ 2013 مؤسسة الاسلام .