الحديث و الدعاء و الحكمة

نظـام الأسـرة في الإسـلام

أهداف الزواج في الإسلام:
التشريع الإسلامي تشريع حكيم، وله هدف ومغزى ..
فالله تعالى من أسمائه: (الحكيم) لذا يجب أن نعتقد جازمين أنه تعالى حكيم في تشريعه كما هو حكيم في خلقه وصنعه.
فحكم تشريع الزواج تكمن في الأمور التالية:
أ غض البصر من الطرفين، وقد اهتم الإسلام في قرآنه وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، يقول الله تعالى: وهو يأمر الرجال والنساء معاً بغض البصر: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:30-31].
والتساهل في مسألة غض البصر يؤدي إلى الانزلاق الخلقي كما هو مشاهد في أكثر مدننا وعواصمنا الإسلامية ـ وللأسف الشديد.
ب حفظ الفرج، وقد تناولت الآيات التي تقدم ذكرها قريباً الأمر بحفظ الفرج مع الأمر بغض البصر، ولعل الأول ينتج الثاني بمعنى أن غض البصر ينتج حفظ الفرج في الغالب الكثير، لأن من تمكنت منه مراقبة الله تعالى فلازم غض بصره خوفاً من الله وحياء منه سوف يحفظ فرجه عما حرمه الله عليه ولا يقع في الفاحشة. وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام قوله: «العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السماع» إلى أن قال: «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».
ج الحصول على النسل الذي هو لبنة في بناء المجتمع وسبب إكثار أتباع خاتم الأنبياء والمرسلين.
ويزيد الأمر وضوحاً الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود والذي يخاطب فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام شباب المسلمين بذلك الأسلوب الرقيق ليرشدهم إلى ما فيه صلاحهم ونجاتهم إذ يقول عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع الباءة منكم فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء». وعند البيهقي من حديث أبي أمامة «تزوجوا فإني مكاثرٌ بكم الأمم».
وقد تقدمت بعض المعاني التي يمكن أن تعد من أهداف الزواج كالهدوء وراحة النفس مثلاً.
وقد يخطئ الذين يظنون أن الغرض من الزواج هو الحصول على اللذة والمتعة كيفما تيسرت، وليس وراء ذلك غرض آخر، وهذا التصور الخاطئ قد أوقع كثيراً من الشباب في مهالك خطيرة وسقوط في الخلق والانحطاط، مما جعل حياة عديد منهم في كثير من البلدان شبيهة بحياة الحيوانات التي ليس عليها قلم التكليف بل هم أضل سبيلاً وأسوأ حالا.

من يتولى إدارة مؤسسة الأسرة؟
إن الإسلام لم يهمل هذه المؤسسة وبيان من يرأسها، أو من أولى الناس لتحمل مسؤليتها. والذي يتضح من دراسة الإسلام أن الاختصاصات أو الصلاحيات موزعة بين الطرفين، والواجبات محددة، ولكل جانب خاص هو مسئول عنه: للرجل اختصاصات لا تشاركه فيها المرأة ولا تقوى على الإضطلاع بمهمتها وسياستها، وللمرأة اختصاصات لا يصلح لها الرجل ولا يحس القيام بها..
فمحاولة أحد الطرفين التدخل في اختصاص الطرف الآخر يعرض المؤسسة للارتباك والاضطراب ويسلمها للفوضى. فلنستمع إلى بعض الآيات القرآنية وهي تنظم حياة الأسرة وتحدد المسئوليات فتعطي الرجل القوامة والإدارة حيث يقول الله عز وجل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ [النساء:34].
فالآية صريحة في إعطاء الرجل إدارة المؤسسة، والقوامة عليها كما ترى ولم تهمل الآية بيان السبب، بل بينت إذ يقول الله عز وجل: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، ثم إنه مما لا نزاع فيه أن أي مؤسسة أو شركة إنما ينتخب لإرادتها من لديه دراية وخبرة وقوة على الإدارة، وعلى الصبر على العمل، وحنكة في سياسة طبيعة العمل، ومؤسسة الأسرة من أعم المؤسسات وأخطرها على الإطلاق؛ إذ بصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد المجتمع؛ لأنها هي التي تقدم للمجتمع أفراداً هم لبنات المجتمع، والبناء إنما يكتسب صفاته من مواد البناء قوة وضعفاً.
لهذا كله حمّل الإسلام الرجل هذه المهمة، وهي أمانة ثقيلة لأنه أليق بها وأقوى على أدائها، والمرأة المنصفة تعترف بذلك. يقول الأستاذ محمد الغزالي في كتابه: (حقوق الإنسان في الإسلام).
"ولما كان الرجل بعيداً عن مشاغل الحيض والنفاس والحمل والرضاع كان أجلد على ملاقات الصعاب ومعانات الحرف المختلفة، وكان الضرب في الأرض ابتغاء الرزق ألصق به هو، ومن ثم فقد كلفه الإسلام الإنفاق على زوجته وعلى قرابته الإناث الفقيرات" اهـ.

ما ذكره الأستاذ الغزالي جانب مهم ومعقول لترشيح الرجل لهذه المهمة مهمة القوامة. وهناك جوانب أخرى تبدو عند التأمل في بعض النواحي وهي كثيرة، نكتفي بهذه الإشارة اقتصاداً في الوقت:

مسؤلية المرأة في الأسرة:
إذا كان الرجل هو الذي كلف ليمثل سياسة الأسرة الخارجية والاقتصادية على ما وصفنا فإن المرأة هي المسئولة عن إدارة الأسرة الداخلية تحفظ بيت زوجها في حضوره وغيابه. وتحفظ ماله وتحفظ أولاده وعليها تنظيم المنزل إلى غير ذلك من الشئون المنزلية. ولهذا كله تتمتع بكل احترام وتقدير من أفراد الأسرة طالما حافظت على مسئوليتها الداخلية ولم تتطلع إلى ما وراءها مما لا تستطيع القيام به من صلاحيات الرجل.

الإسلام لم يظلم المرأة:
كثيراً ما نسمع تلكم الأصوات المنكرة التي تنادي بأن الإسلام هضم حقوق المرأة وظلمها ولم يعطها حريتها ولن يساو بينها وبين الرجل إلى آخر تلكم العبارات المترجمة عما يكتبه أعداء الإسلام ضد الإسلام.
وفي الواقع أن أصحاب هذه الدعوى هم أحد رجلين اثنين:
أما أحدهما: فجاهل ساذج سمع الناس قالوا قولة فاتبعهم بل صار لهم بوقاً يبلغ ما يقولون، وليس لديه علم يستند عليه فيما يقول ويذيع، بل ليس له من الأمر شيء إلا البلاغ، وهو يهرف ما لا يعرف.
وقد اغتر به كثير من الناس الذين لم يؤتوا من الفقه في الدين شيئاً ولا سيما النساء المثقفات بثقافة غير إسلامية أو الجاهلات المقلدات على غير هدى.
وهذا الصنف من الناس يضل ويضلل غيره لأنه جاهل وفي الوقت نفسه أنه يجهل جهله، يصدق عليه قول القائل:
إذا كنت لا تدري بأنك لا تدري
فذاك إذاً جهل مضاف إلى جهل


وأما الآخر: فهو إنسان ماكر يمكر ويكيد للإسلام والمسلمين ويريد أن يفسد عليهم دينهم وأخلاقهم عن طريق إفساد الأسرة متأثراً بأعداء الإسلام ومنفذاً لخطتهم في محاربة الإسلام. إنّ هذا وذاك وهما اللذان يطلقان هذا الصوت المنكر في كل مكان لمحاولة التضليل وقد تأثر به الكثيرات من المسلمات الجاهلات ظناً منهن بأن هذا النداء في صالحهن فضمت أصواتهن إلى ذلك الصوت. فبذلك تصبح المرأة لمسلمة المتأثرة بذلك النداء ظالمة لدينها وإسلامها متهمة إياه بأنه ظلمها، ذلك الإسلام الذي رفع من شأنها لو كانت تعلم وتفقه - وأين الفقه لدى نسائنا إلا ما شاء الله - والله المستعان. فعلى المرأة المسلمة المثقفة أن تدرس دينها لتعرف موقف الإسلام من المرأة وما لها من الكرامة في الإسلام ولا تتبع كل ناعق.
وفي الوقت نفسه عليها أن تتطلع على ما في القوانين الأجنبية مثل القوانين الفرنسية وغيرها لتعلم موقف تلك القوانين([1]) من المرأة، ثم عليها أن تعرف كيف كانت المرأة قبل الإسلام حيث كانت سقط المتاع فاقدة القيمة والكرامة وما أكرمها إلا الإسلام. 

تتمتع المرأة في الإسلام بالحقوق المدنية مثل الرجل:
للمرأة المسلمة حرية كاملة في الحقوق المدنية، وهي مثل الرجل في هذه الحقوق. فللمرأة المسلمة أن تبيع وتشتري وتهب وتقبل الهبة وتعير وتستعير وتتصرف في مالها، ولها جميع التصرفات المالية مثل الرجل.

0 التعليقات :

Copyright @ 2013 مؤسسة الاسلام .